
اقتصاد البوندسليجا
صدر مؤخرا تقرير ديلويت المالي والذي يعنى بأفضل الاندية الاوروبية تحقيقا للعائدات المالية موسميا
التقرير يصدر سنويا ويضع قائمة بافضل 20 نادي اوروبي من ناحية تحقيق العائدات
العائدات هنا محصورة بمصادر الدخل الاصيلة الثابتة
وبالتالي لا يدخل فيها عائدات بيع اللاعبين ولا عائدات مكافئات التأهل لدوري الأبطال وأدواره وما الى ذلك
تقرير هذا الموسم شهد تواجد اربعة اندية من البوندسليجا كالتالي:
بايرن ميونخ - المركز الرابع (321 مليون يورو)
شالكه - المركز العاشر (202 مليون يورو)
بوروسيا دورتموند - المركز السادس عشر (138 مليون يورو)
هامبورغ - المركز الثامن عشر (128 مليون يورو)
وبالمجمل فقد حقق الدوري الألماني المركز الثالث من ناحية عدد تواجد الأندية في القائمة
بعد كل من الانجليزي (6 اندية) والايطالي (5 اندية) وقبل كل من الاسباني (3 اندية) والفرنسي (ناديين)
ولفهم أكثر لمعنى هذا التقرير ودلالاته علينا فهم ما يعنيه مفهوم العائدات الموسمية بالضبط وانعكاساته على أندية البوندسليجا
حيث تنقسم العائدات المالية الموسمية للأندية الى ثلاثة محاور كالتالي:
عائدات يوم المباراة، عائدات حقوق النقل، العائدات التجارية

عائدات يوم المباراة
عائدات يوم المباراة هي المصدر التقليدي لعائدات الأندية
هي المبالغ التي يحصلها النادي من بيع تذاكر المباريات التي تقام على أرضه
وبطبيعة الحال منطقيا كلما زاد عدد الجمهور كلما زادت عوائد النادي من يوم المباراة
طبعا هذا هو الافتراض السائد هنا وبالتالي الجميع يتوقع تصدر كاسح للبوندسليجا في هذا المجال
لكن الحقيقة ان عوائد البوندسليجا من يوم المباراة عادية جدا ولا تعكس التفوق الواضح للبوندسليجا جماهيريا
فرباعي اندية البوندسليجا يحتل المراكز التالية وفقا لعائدات يوم المباراة
البايرن - المركز السادس
هامبورغ - المركز التاسع
شالكه - المركز العاشر
دورتموند - المركز الرابع عشر
وفي الحقيقة لولا تواجد أندية الدوري الايطالي التي تعاني من غياب جماهيري هائل لكانت النتائج أسوأ بكثير
فالحضور الجماهيري في البوندسليجا خادع كونه يفقد أهميته المادية
نظرا لانخفاض سعر التذاكر نسبيا ولحقيقة أن أندية البوندسليجا تلعب مباراتين أقل على أرضها بحكم عدد الاندية المشاركة الأقل
فنادي مثل شالكه مثلا لم يحقق سوى 37 مليون يورو كعائدات من يوم المباراة رغم مدرجاته الممتلئة باستمرار
ورغم وصوله لمراحل متقدمه في دوري الأبطال وفوزه بكاس المانيا وهو ما يعني لعبه مباريات كثيرة على أرضه

عائدات حقوق البث
محور واضح فهو يخص المبالغ التي تحصل عليها الاندية لقاء نقل مبارياتها سواء في الدوري او المنافسات الأوروبية
وللتوضيح أكثر فأغلب الدوريات تعقد اتفاقيات نقل حصرية مع شبكة توزع حقوق النقل على الأندية حسب مراكزها
باستثناء الدوري الاسباني حيث يبيع كل نادي حقوق نقله على حدة وهو اهم اسباب تفوق الريال وبرشلونة ماديا
هذا المحور يعد ابرز نقاط ضعف البوندسليجا في ظل صفقات النقل المتواضعة نسبيا للاتحاد الالماني
والتواجد الاعلامي الضعيف للبوندسليجا خارج حدود المانيا واوروبا وخاصة في أسواق آسيا وشمال امريكا
اضافة لتوزيع توقيت المباريات السيء والذي يجعل فترة النقل محدودة مقارنة مع باقي الدوريات
فللمقارنة تحصل البوندسليجا بدرجتيها حاليا على 412 مليون يورو سنويا من صفقات بيع حقوق البث
بينما تحصل البريمير ليج حاليا على 930 مليون يورو مرشحة للزيادة بعد توقيع الصفقات الجديدة
كما سيحصل الدوري الايطالي على 900 مليون يورو سنويا أيضا بعد الاتفاق الجديد
وطبعا الريال والبرشا يحلقان لوحدهما حيث تبلغ صفقاتهما لنقل مبارياتهما في المسابقات المحلية فقط 150 مليون يورو لكل منهما
وللمقارنة فمجموع عائدات الأندية الألمانية الأربعة من كامل حقوق النقل مجتمعة تبلغ 206 مليون يورو
بالتالي ليس غريبا أن نجد أندية البوندسليجا في مؤخرة ترتيب عائدات حقوق البث كالتالي:
شالكه - المركز الثالث عشر
البايرن - المركز الخامس عشر
دورتموند - المركز التاسع عشر
هامبورغ - المركز العشرين
وطبعا لولا مشاركات شالكه والبايرن في دوري الأبطال وتحصيلهما لعائداتها لوجدنا آخر أربعة مراكز المانية بامتياز..

العائدات التجارية
نقصد بها هنا عائدات حقوق الرعاية وبيع منتجات النادي من قمصان وتذكارات وما الى ذلك
محور يبدو بعيدا عن البوندسليجا للوهلة الاولى لكنه في الحقيقة اكبر مزاياها
فتواجد أندية البوندسليجا في دولة قوية اقتصاديا كالمانيا بشركات تنافسية ضخمة يوفر لها دعما كبيرا للغاية
أندية البوندسليجا في الحقيقة تستمد تنافسيتها المالية بشكل كبير من عقود الرعاية وهذا يشمل الجميع بلا استثناء
ومجرد القاء نظرة على ترتيب أندية البوندسليجا بين اندية اوروبا في قائمة العائدات التجارية سيوضح هذا
البايرن - المركز الاول
شالكه - المركز السادس
دورتموند - المركز الثامن
هامبورغ - المركز الحادي عشر
ثلاثة اندية المانية تتواجد ضمن أفضل ثمانية أندية في أوروبا من ناحية العائدات التجارية
ونادي مثل هامبورغ يتفوق في عائداته التجارية على أمثال الانتر ويوفنتوس وارسنال وليون رغم انتشارها وشهرتها الأوسع
هذا دون تجاهل حقيقة تصدر البايرن للقائمة بمعنى انه صاحب أفضل حقوق رعاية في العالم وقبل كل من الريال وبرشلونة حتى

خلاصة
كخلاصة إذن نستطيع القول أن الوضع ليس بالمأساوية التي نتخيلها من ناحية تنافسية البوندسليجا ماديا
فاقتصاد المانيا وشركاتها القوية تشكل دعم كبير لجميع أندية البوندسليجا بلا استثناء
وهي في الحقيقة ما يحافظ على تنافسية البوندسليجا حاليا بعقود رعاية هي الأفضل كمعدل بين اول عشرين نادي في أوروبا
حتى عائدات يوم المباراة ممكن زيادتها بتعديلات بسيطة أيضا من منطلق قوة الاقتصاد الالماني
فزيادة بسيطة في أسعار التذاكر ستعود بفائدة كبيرة على الأندية ولن تكون السبب في تراجع عدد الجماهير
إذا أخذنا بعين الاعتبار أن دول باقتصاد اضعف تدفع جماهيرها اسعار اعلى للتذاكر دون مشاكل
وهنا نتحدث عن زيادة نسبية لا تتجاوز 25 % ولن تحرم احدا من الحضور في ظل تواجد مدرجات الوقوف باسعار الدخول الرمزية
أيضا ربما زيادة عدد اندية البوندسليجا لعشرين فمباراتين اضافيتين يلعبهما كل فريق على أرضه تشكلان دخل أضافي محترم
وعموما الاتحاد الالماني مدرك لهذه المشكلة فهو قد منح لكل نادي حق اختيارات مباريات يستطيع فيها رفع سعر التذكرة
وهو حق يمارسه الجميع رغم كل ما يقال ويروج له
بالنسبة لحقوق النقل فالأمر مختلف كونها تعتمد على شهرة الدوري وانتشاره في الأسواق العالمية
هذه قضية تعتمد على تواجد النجوم وتنافسية الاندية في البطولات الاوروبية
وعموما هو موضوع يجري تناوله وفي تحسن مستمر وإن كان بطيئا
فأندية البوندسليجا قد ادركت أهمية الأسواق العالمية وبالتالي بدأنا نرى كم هائل من الصفقات من دول آسيا وبالذات اليابان
أيضا الاتحاد الألماني يبدي مرونة في قضية توزيع مواعيد المباريات فعدلها قبل موسمين
واتوقع أن التوجه سيكون لتعديلها مجددا قريبا لضمان أكبر نسبة مشاهدة لكل مباراة
وبالنسبة لصفقات النقل فموسم 2013 سيشهد انتهاء الصفقات الحالية وتوقيع صفقات جديدة يفترض أن تكون اقوى بكثير
حاليا المضاربة محليا بين سكاي ودويتشه تيليكوم كونهما الأبرز المانيا
لكن عالميا قد نرى دخول عدة شركات آسيوية ومن شمال امريكا مما قد يزيد عائد حقوق النقل بنسبة محترمة
وعموما توزيع مواعيد نقل المباريات وربما زيادة جولات الأندية الألمانية في كل من شمال أمريكا وآسيا سيحسن الوضع كثيرا
بانتظار عملية المناقصة على حقوق بث المباريات في 2013

نهاية تحياتي للجميع واشكر كل من أكمل قرائة الموضوع على طوله ومادته المملة :)
واتمنى أن يكون مفيدا لمن تهمه مثل هذه الأمور..
0 تعليقات